و من خطبة له علیه السلام
أَرْسَلَهُ عَلَى حِینِ فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ وَ طُولِ هَجْعَةٍ مِنَ
الْأُمَمِ وَ اعْتِرَامٍ مِنَ الْفِتَنِ وَ انْتِشَارٍ مِنَ الْأُمُورِ وَ
تَلَظٍّ مِنَ الْحُرُوبِ وَ الدُّنْیَا کَاسِفَةُ النُّورِ ظَاهِرَةُ
الْغُرُورِ عَلَى حِینِ اصْفِرَارٍ مِنْ وَرَقِهَا وَ إِیَاسٍ مِنْ
ثَمَرِهَا وَ اغْوِرَارٍ مِنْ مَائِهَا قَدْ دَرَسَتْ أَعْلَامُ الْهُدَى
وَ ظَهَرَتْ أَعْلَامُ الرَّدَى فَهِیَ مُتَجَهِّمَةٌ لِأَهْلِهَا
عَابِسَةٌ فِی وَجْهِ طَالِبِهَا ثَمَرُهَا الْفِتْنَةُ وَ طَعَامُهَا
الْجِیفَةُ وَ شِعَارُهَا الْخَوْفُ وَ دِثَارُهَا السَّیْفُ فَاعْتَبِرُوا
عِبَادَ اللَّهِ وَ اذْکُرُوا تِیکَ الَّتِی آبَاؤُکُمْ وَ إِخْوَانُکُمْ
بِهَا مُرْتَهَنُونَ وَ عَلَیْهَا مُحَاسَبُونَ وَ لَعَمْرِی مَا
تَقَادَمَتْ بِکُمْ وَ لَا بِهِمُ الْعُهُودُ وَ لَا خَلَتْ فِیمَا
بَیْنَکُمْ وَ بَیْنَهُمُ الْأَحْقَابُ وَ الْقُرُونُ وَ مَا أَنْتُمُ
الْیَوْمَ مِنْ یَوْمِ کُنْتُمْ فِی أَصْلَابِهِمْ بِبَعِیدٍ وَ اللَّهِ
مَا أَسْمَعَهُمُ الرَّسُولُ شَیْئاً إِلَّا وَ هَا أَنَا ذَا الْیَوْمَ
مُسْمِعُکُمُوهُ وَ مَا أَسْمَاعُکُمُ الْیَوْمَ بِدُونِ أَسْمَاعِهِمْ
بِالْأَمْسِ وَ لَا شُقَّتْ لَهُمُ الْأَبْصَارُ وَ لَا جُعِلَتْ لَهُمُ
الْأَفْئِدَةُ فِی ذَلِکَ الْأَوَانِ إِلَّا وَ قَدْ أُعْطِیتُمْ مِثْلَهَا
فِی هَذَا الزَّمَانِ وَ وَ اللَّهِ مَا بُصَرْتُمْ بَعْدَهُمْ شَیْئاً
جَهِلُوهُ وَ لَا أُصْفِیتُمْ بِهِ وَ حُرِمُوهُ وَ لَقَدْ نَزَلَتْ بِکُمُ
الْبَلِیَّةُ جَائِلًا خِطَامُهَا رِخْواً بِطَانُهَا فَلَا
یَغُرَّنَّکُمْ مَا أَصْبَحَ فِیهِ أَهْلُ الْغُرُورِ فَإِنَّمَا هُوَ
ظِلٌّ مَمْدُودٌ إِلَى أَجَلٍ مَعْدُودٍ