و من خطبة له علیه السلام
أَمَّا بَعْدَ أَیُّهَا النَّاسُ فَأَنَاَ فَقَأْتُ عَیْنَ الْفِتْنَةِ وَ
لَمْ یَکُنْ لِیَجْتَرِئَ عَلَیْهَا أَحَدٌ غَیْرِی بَعْدَ أَنْ مَاجَ
غَیْهَبُهَا وَ اشْتَدَّ کَلَبُهَا فَاسْأَلُونِی قَبْلَ أَنْ تَفْقِدُونِی
فَوَ الَّذِی نَفْسِی بِیَدِهِ لَا تَسْأَلُونِی عَنْ شَیْءٍ فِیمَا
بَیْنَکُمْ وَ بَیْنَ السَّاعَةِ وَ لَا عَنْ فِئَةٍ تَهْدِی مِائَةً وَ
تُضِلُّ مِائَةً إِلَّا أَنْبَأْتُکُمْ بِنَاعِقِهَا وَ قَائِدِهَا وَ
سَائِقِهَا وَ مُنَاخِ رِکَابِهَا وَ مَحَطِّ رِحَالِهَا وَ مَنْ یُقْتَلُ
مِنْ أَهْلِهَا قَتْلًا وَ مَنْ یَمُوتُ مِنْهُمْ مَوْتاً وَ لَوْ قَدْ
فَقَدْتُمُونِی وَ نَزَلَتْ بِکُمْ کَرَائِهُ الْأُمُورِ وَ حَوَازِبُ
الْخُطُوبِ لَأَطْرَقَ کَثِیرٌ مِنَ السَّائِلِینَ وَ فَشِلَ کَثِیرٌ مِنَ
الْمَسْئُولِینَ وَ ذَلِکَ إِذَا قَلَّصَتْ حَرْبُکُمْ وَ شَمَّرَتْ عَنْ
سَاقٍ وَ ضَاقَتِ الدُّنْیَا عَلَیْکُمْ ضِیقاً تَسْتَطِیلُونَ أَیَّامَ
الْبَلَاءِ عَلَیْکُمْ حَتَّى یَفْتَحَ اللَّهُ لِبَقِیَّةِ الْأَبْرَارِ
مِنْکُمْ إِنَّ الْفِتَنَ إِذَا أَقْبَلَتْ شَبَّهَتْ وَ إِذَا أَدْبَرَتْ
نَبَّهَتْ یُنْکَرْنَ مُقْبِلَاتٍ وَ یُعْرَفْنَ مُدْبِرَاتٍ یَحُمْنَ
حَوْمَ الرِّیَاحِ یُصِبْنَ بَلَداً وَ یُخْطِئْنَ بَلَداً أَلَا إِنَّ
أَخْوَفَ الْفِتَنِ عِنْدِی عَلَیْکُمْ فِتْنَةُ بَنِی أُمَیَّةَ
فَإِنَّهَا فِتْنَةٌ عَمْیَاءُ مُظْلِمَةٌ عَمَّتْ خُطَّتُهَا وَ خُصَّتْ
بَلِیَّتُهَا وَ أَصَابَ الْبَلَاءُ مَنْ أَبْصَرَ فِیهَا وَ أَخْطَأَ
الْبَلَاءُ مَنْ عَمِیَ عَنْهَا وَ ایْمُ اللَّهِ لَتَجِدُنَّ بَنِی
أُمَیَّةَ لَکُمْ أَرْبَابَ سَوْءٍ بَعْدِی کَالنَّابِ الضَّرُوسِ تَعْذِمُ
بِفِیهَا وَ تَخْبِطُ بِیَدِهَا وَ تَزْبِنُ بِرِجْلِهَا وَ تَمْنَعُ
دَرَّهَا لَا یَزَالُونَ بِکُمْ حَتَّى لَا یَتْرُکُوا مِنْکُمْ إِلَّا
نَافِعاً لَهُمْ أَوْ غَیْرَ ضَائِرٍ بِهِمْ وَ لَا یَزَالُ بَلَاؤُهُمْ
حَتَّى لَا یَکُونَ انْتِصَارُ أَحَدِکُمْ مِنْهُمْ إِلَّا کَانْتِصَارِ
الْعَبْدِ مِنْ رَبِّهِ وَ الصَّاحِبِ مِنْ مُسْتَصْحِبِهِ تَرِدُ
عَلَیْکُمْ فِتْنَتُهُمْ شَوْهَاءَ (مَخْشِیَّةً) وَ قِطَعاً جَاهِلِیَّةً
لَیْسَ فِیهَا مَنَارُ هُدًى وَ لَا عَلَمٌ یُرَى نَحْنُ أَهْلَ الْبَیْتِ
مِنْهَا بِمَنْجَاةٍ وَ لَسْنَا فِیهَا بِدُعَاةٍ ثُمَّ یُفَرِّجُهَا
اللَّهُ عَنْکُمْ کَتَفْرِیجِ الْأَدِیمِ بِمَنْ یَسُومُهُمْ خَسْفاً وَ
یَسُوقُهُمْ عُنْفاً وَ یَسْقِیهِمْ بِکَأْسٍ مُصَبَّرَةٍ لَا یُعْطِیهِمْ
إِلَّا السَّیْفَ وَ لَا یُحْلِسُهُمْ إِلَّا الْخَوْفَ فَعِنْدَ ذَلِکَ
تَوَدُّ قُرَیْشٌ بِالدُّنْیَا وَ مَا فِیهَا لَوْ یَرَوْنَنِی مَقَاماً
وَاحِداً وَ لَوْ قَدْرَ جَزْرِ جَزُورٍ لَأَقْبَلَ مِنْهُمْ مَا أَطْلُبُ
الْیَوْمَ بَعْضَهُ فَلَا یُعْطُونَنِیهِ