و من خطبة له علیه السلام
نَحْمَدُهُ عَلَى مَا کَانَ وَ نَسْتَعِینُهُ مِنْ أَمْرِنَا عَلَى مَا
یَکُونُ وَ نَسْأَلُهُ الْمُعَافَاةَ فِی الْأَدْیَانِ کَمَا نَسْأَلُهُ
الْمُعَافَاةَ فِی الْأَبْدَانِ عِبَادَ اللَّهِ أُوصِیکُمْ بِالرَّفْضِ
لِهَذِهِ الدُّنْیَا التَّارِکَةِ لَکُمْ وَ إِنْ لَمْ تُحِبُّوا تَرْکَهَا
وَ الْمُبْلِیَةِ لِأَجْسَامِکُمْ وَ إِنْ کُنْتُمْ تُحِبُّونَ
تَجْدِیدَهَا فَإِنَّمَا مَثَلُکُمْ وَ مَثَلُهَا کَسَفْرٍ سَلَکُوا
سَبِیلًا فَکَأَنَّهُمْ قَدْ قَطَعُوهُ وَ أَمُّوا عَلَماً فَکَأَنَّهُمْ
قَدْ بَلَغُوهُ وَ کَمْ عَسَى الْمُجْرِی إِلَى الْغَایَةِ أَنْ یُجْرِیَ
إِلَیْهَا حَتَّى یَبْلُغَهَا وَ مَا عَسَى أَنْ یَکُونَ بَقَاءُ مَنْ لَهُ
یَوْمٌ لَا یَعْدُوهُ وَ طَالِبٌ حَثِیثٌ (مِنَ الْمَوْتِ) یَحْدُوهُ (وَ
مُزْعِجٌ) فِی الدُّنْیَا حَتَّى یُفَارِقَهَا (رَغْماً) فَلَا تَنَافَسُوا
فِی عِزِّ الدُّنْیَا وَ فَخْرِهَا وَ لَا تُعْجَبُوا بِزِینَتِهَا وَ
نَعِیمِهَا وَ لَا تَجْزَعُوا مِنْ ضَرَّائِهَا وَ بُؤْسِهَا فَإِنَّ
عِزَّهَا وَ فَخْرَهَا إِلَى انْقِطَاعٍ وَ إِنَّ زِینَتَهَا وَ نَعِیمَهَا
إِلَى زَوَالٍ وَ ضَرَّاءَهَا وَ بُؤْسَهَا إِلَى نَفَادٍ وَ کُلُّ
مُدَّةٍ فِیهَا إِلَى انْتِهَاءٍ وَ کُلُّ حَیٍّ فِیهَا إِلَى فَنَاءٍ أَ
وَ لَیْسَ لَکُمْ فِی آثَارِ الْأَوَّلِینَ (مُزْدَجَرٌ) وَ فِی آبَائِکُمُ
الْمَاضِینَ تَبْصِرَةٌ وَ مُعْتَبَرٌ إِنْ کُنْتُمْ تَعْقِلُونَ أَ وَ
لَمْ تَرَوْا إِلَى الْمَاضِینَ مِنْکُمْ لَا یَرْجِعُونَ وَ إِلَى
الْخَلَفِ الْبَاقِینَ لَا یَبْقُونَ أَ وَ لَسْتُمْ تَرَوْنَ أَهْلَ
الدُّنْیَا یُمْسُونَ وَ یُصْبِحُونَ عَلَى أَحْوَالٍ شَتَّى فَمَیِّتٌ
یُبْکَى وَ آخَرُ یُعَزَّى وَ صَرِیعٌ مُبْتَلَى وَ عَائِدٌ یَعُودُ وَ
آخَرُ بِنَفْسِهِ یَجُودُ وَ طَالِبٌ لِلدُّنْیَا وَ الْمَوْتُ یَطْلُبُهُ
وَ غَافِلٌ وَ لَیْسَ بِمَغْفُولٍ عَنْهُ وَ عَلَى أَثَرِ الْمَاضِی مَا
یَمْضِی الْبَاقِی أَلَا فَاذْکُرُوا هَادِمَ اللَّذَّاتِ وَ مُنَغِّصَ
الشَّهَوَاتِ وَ قَاطِعَ الْأُمْنِیَّاتِ عِنْدَ الْمُسَاوَرَةِ
لِلْأَعْمَالِ الْقَبِیحَةِ وَ اسْتَعِینُوا اللَّهَ عَلَى أَدَاءِ وَاجِبِ
حَقِّهِ وَ مَا لَا یُحْصَى مِنْ أَعْدَادِ نِعَمِهِ وَ إِحْسَانِهِ