و من خطبة له علیه السلام
نَحْمَدُهُ عَلَى مَا أَخَذَ وَ أَعْطَى وَ عَلَى مَا أَبْلَى وَ ابْتَلَى
الْبَاطِنُ لِکُلِّ خَفِیَّةٍ وَ الْحَاضِرُ لِکُلِّ سَرِیرَةٍ الْعَالِمُ
بِمَا تُکِنُّ الصُّدُورُ وَ مَا تَخُونُ الْعُیُونُ وَ نَشْهَدُ أَنْ لَا
إِلَهَ غَیْرُهُ وَ أَنَّ مُحَمَّداً صلى الله علیه واله نَجِیبُهُ وَ
بَعِیثُهُ شَهَادَةً یُوَافِقُ فِیهَا السِّرُّ الْإِعْلَانَ وَ الْقَلْبُ
اللِّسَانَ
منها فَإِنَّهُ وَ اللَّهِ الْجِدُّ لَا اللَّعِبُ وَ الْحَقُّ لَا
الْکَذِبُ وَ مَا هُوَ إِلَّا الْمَوْتُ قَدْ أَسْمَعَ دَاعِیهِ وَ
أَعْجَلَ حَادِیهِ فَلَا یَغُرَّنَّکَ سَوَادُ النَّاسِ مِنْ نَفْسِکَ
فَقَدْ رَأَیْتَ مَنْ کَانَ قَبْلَکَ مِمَّنْ جَمَعَ الْمَالَ وَ حَذِرَ
الْإِقْلَالَ وَ أَمِنَ الْعَوَاقِبَ طُولَ أَمَلٍ وَ اسْتِبْعَادَ أَجَلٍ
کَیْفَ نَزَلَ بِهِ الْمَوْتُ فَأَزْعَجَهُ عَنْ وَطَنِهِ وَ أَخَذَهُ
مِنْ مَأْمَنِهِ مَحْمُولًا عَلَى أَعْوَادِ الْمَنَایَا یَتَعَاطَى بِهِ
الرِّجَالُ الرِّجَالَ حَمْلًا عَلَى الْمَنَاکِبِ وَ إِمْسَاکاً
بالْأَنَامِلِ أَ مَا رَأَیْتُمُ الَّذِینَ یَأْمُلُونَ بَعِیداً وَ
یَبْنُونَ مَشِیداً وَ یَجْمَعُونَ (کَثِیراً) کَیْفَ أَصْبَحَتْ
بُیُوتُهُمْ قُبُوراً وَ مَا جَمَعُوا بُوراً وَ صَارَتْ أَمْوَالُهُمْ
لِلْوَارِثِینَ وَ أَزْوَاجُهُمْ لِقَوْمٍ آخَرِینَ لَا فِی حَسَنَةٍ
یَزِیدُونَ وَ لَا مِنْ سَیِّئَةٍ یَسْتَعْتِبُونَ فَمَنْ أَشْعَرَ
التَّقْوَى قَلْبَهُ بَرَّزَ مَهَلُهُ وَ فَازَ عَمَلُهُ فَاهْتَبِلُوا
هَبَلَهَا وَ اعْمَلُوا لِلْجَنَّةِ عَمَلَهَا فَإِنَّ الدُّنْیَا لَمْ
تُخْلَقْ لَکُمْ دَارَ مُقَامٍ بَلْ خُلِقَتْ لَکُمْ مَجَازاً
لِتَزَوَّدُوا مِنْهَا الْأَعْمَالَ إِلَى دَارِ الْقَرَارِ فَکُونُوا
مِنْهَا عَلَى أَوْفَازٍ وَ قَرِّبُوا الظُّهُورَ لِلزِّیَالِ