و من خطبة له علیه السلام
بَعَثَ رُسُلَهُ بِمَا خَصَّهُمْ بِهِ مِنْ وَحْیِهِ وَ جَعَلَهُمْ حُجَّةً
لَهُ عَلَى خَلْقِهِ لِئَلَّا تَجِبَ الْحُجَّةُ لَهُمْ بِتَرْکِ
الْإِعْذَارِ إِلَیْهِمْ فَدَعَاهُمْ بِلِسَانِ الصِّدْقِ إِلَى سَبِیلِ
الْحَقِّ أَلَا إِنَّ اللَّهَ قَدْ کَشَفَ الْخَلْقَ کَشْفَةً لَا أَنَّهُ
جَهِلَ مَا أَخْفَوْهُ مِنْ مَصُونِ أَسْرَارِهِمْ وَ مَکْنُونِ
ضَمَائِرِهِمْ وَ لَکِنْ لِیَبْلُوَهُمْ أَیُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا
فَیَکُونَ الثَّوَابُ جَزَاءً وَ الْعِقَابُ بَوَاءً أَیْنَ الَّذِینَ
زَعَمُوا أَنَّهُمُ الرَّاسِخُونَ فِی الْعِلْمِ دُونَنَا کَذِباً وَ
بَغْیاً عَلَیْنَا أَنْ رَفَعَنَا اللَّهُ وَ وَضَعَهُمْ وَ أَعْطَانَا وَ
حَرَمَهُمْ وَ أَدْخَلَنَا وَ أَخْرَجَهُمْ بِنَا یُسْتَعْطَى الْهُدَى وَ
یُسْتَجْلَى الْعَمَى إِنَّ الْأَئِمَّةَ مِنْ قُرَیْشٍ غُرِسُوا فِی هَذَا
الْبَطْنِ مِنْ هَاشِمٍ لَا تَصْلُحُ عَلَى سِوَاهُمْ وَ لَا تَصْلُحُ
الْوُلَاةُ مِنْ غَیْرِهِمْ
منها آثَرُوا عَاجِلًا وَ أَخَّرُوا آجِلًا وَ تَرَکُوا صَافِیاً وَ
شَرِبُوا آجِناً کَأَنِّی أَنْظُرُ إِلَى فَاسِقِهِمْ وَ قَدْ صَحِبَ
الْمُنْکَرَ فَأَلِفَهُ وَ بَسِئَ بِهِ وَ وَافَقَهُ حَتَّى شَابَتْ
عَلَیْهِ مَفَارِقُهُ وَ صُبِغَتْ بِهِ خَلَائِقُهُ ثُمَّ أَقْبَلَ
مُزْبِداً کَالتَّیَّارِ لَا یُبَالِی مَا غَرَّقَ أَوْ کَوَقْعِ النَّارِ
فِی الْهَشِیمِ لَا یَحْفِلُ مَا حَرَّقَ أَیْنَ الْعُقُولُ
الْمُسْتَصْبِحَةُ بِمَصَابِیحِ الْهُدَى وَ الْأَبْصَارُ اللَّامِحَةُ
إِلَى مَنَارِ التَّقْوَى أَیْنَ الْقُلُوبُ الَّتِی وُهِبَتْ لِلَّهِ وَ
عُوقِدَتْ عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ ازْدَحَمُوا عَلَى الْحُطَامِ وَ
تَشَاحُّوا عَلَى الْحَرَامِ وَ رُفِعَ لَهُمْ عَلَمُ الْجَنَّةِ وَ
النَّارِ فَصَرَفُوا عَنِ الْجَنَّةِ وُجُوهَهُمْ وَ أَقْبَلُوا إِلَى
النَّارِ بِأَعْمَالِهِمْ دَعَاهُمْ رَبُّهُمْ فَنَفَرُوا وَ وَلَّوْا وَ
دَعَاهُمُ الشَّیْطَانُ فَاسْتَجَابُوا وَ أَقْبَلُوا