و من خطبة له علیه السلام
وَ أَسْتَعِینُهُ عَلَى مَدَاحِرِ الشَّیْطَانِ وَ مَزَاجِرِهِ وَ
الِاعْتِصَامِ مِنْ حَبَائِلِهِ وَ مَخَاتِلِهِ وَ أَشْهَدُ أَنَّ
مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ وَ نَجِیبُهُ وَ صَفْوَتُهُ لَا یُؤَازَى
فَضْلُهُ وَ لَا یُجْبَرُ فَقْدُهُ أَضَاءَتْ بِهِ الْبِلَادُ بَعْدَ
الضَّلَالَةِ الْمُظْلِمَةِ وَ الْجَهَالَةِ الْغَالِبَةِ وَ الْجَفْوَةِ
الْجَافِیَةِ وَ النَّاسُ یَسْتَحِلُّونَ الْحَرِیمَ وَ یَسْتَذِلُّونَ
الْحَکِیمَ یَحْیَوْنَ عَلَى فَتْرَةٍ وَ یَمُوتُونَ عَلَى کَفْرَةٍ ثُمَّ
إِنَّکُمْ مَعْشَرَ الْعَرَبِ أَغْرَاضُ بَلَایَا قَدِ اقْتَرَبَتْ
فَاتَّقُوا سَکَرَاتِ النِّعْمَةِ وَ احْذَرُوا بَوَائِقَ النِّقْمَةِ وَ
تَثَبَّتُوا فِی قَتَامِ الْعِشْوَةِ وَ اعْوِجَاجِ الْفِتْنَةِ عِنْدَ
طُلُوعِ جَنِینِهَا وَ ظُهُورِ کَمِینِهَا وَ انْتِصَابِ قُطْبِهَا وَ
مَدَارِ رَحَاهَا تَبْدَوُ فِی مَدَارِجَ خَفِیَّةٍ وَ تَؤُولُ إِلَى
فَظَاعَةٍ جَلِیَّةٍ شِبَابُهَا کَشِبَابِ الْغُلَامِ وَ آثَارُهَا
کَآثَارِ السِّلَامِ تَتَوَارَثُهَا الظَّلَمَةُ بِالْعُهُودِ أَوَّلُهُمْ
قَائِدٌ لِآخِرِهِمْ وَ آخِرُهُمْ مُقْتَدٍ بِأَوَّلِهِمْ یَتَنَافَسُونَ
فِی دُنْیَا دَنِیَّةٍ وَ یَتَکَالَبُونَ عَلَى جِیفَةٍ مُرِیحَةٍ وَ عَنْ
قَلِیلٍ یَتَبَرَّأُ التَّابِعُ مِنَ الْمَتْبُوعِ وَ الْقَائِدُ مِنَ
الْمَقُودِ فَیَتَزَایَلُونَ بِالْبَغْضَاءِ وَ یَتَلَاعَنُونَ عِنْدَ
اللِّقَاءِ ثُمَّ یَأْتِی بَعْدَ ذَلِکَ طَالِعُ الْفِتْنَةِ الرَّجُوفِ وَ
الْقَاصِمَةِ الزَّحُوفِ فَتَزِیغُ قُلُوبٌ بَعْدَ اسْتِقَامَةٍ وَ
تَضِلُّ رِجَالٌ بَعْدَ سَلَامَةٍ وَ تَخْتَلِفُ الْأَهْوَاءُ عِنْدَ
هُجُومِهَا وَ تَلْتَبِسُ الْآرَاءُ عِنْدَ نُجُومِهَا مَنْ أَشْرَفَ لَهَا
قَصَمَتْهُ وَ مَنْ سَعَى فِیهَا حَطَمَتْهُ یَتَکَادَمُونَ فِیهَا
تَکَادُمَ الْحُمُرِ فِی الْعَانَةِ قَدِ اضْطَرَبَ مَعْقُودُ الْحَبْلِ وَ
عَمِیَ وَجْهُ الْأَمْرِ تَغِیضُ فِیهَا الْحِکْمَةُ وَ تَنْطِقُ فِیهَا
الظَّلَمَةُ وَ تَدُقُّ أَهْلَ الْبَدْوِ بِمِسْحَلِهَا وَ تَرُضُّهُمْ
بِکَلْکَلِهَا یَضِیعُ فِی غُبَارِهَا الْوُحْدَانُ وَ یَهْلِکُ فِی
طَرِیقِهَا الرُّکْبَانُ تَرِدُ بِمُرِّ الْقَضَاءِ وَ تَحْلُبُ عَبِیطَ
الدِّمَاءِ وَ تَثْلِمُ مَنَارَ الدِّینِ وَ تَنْقُضُ عَقْدَ الْیَقِینِ
یَهْرُبُ مِنْهَا الْأَکْیَاسُ وَ یُدَبِّرُهَا الْأَرْجَاسُ مِرْعَادٌ
مِبْرَاقٌ کَاشِفَةٌ عَنْ سَاقٍ تُقْطَعُ فِیهَا الْأَرْحَامُ وَ یُفَارَقُ
عَلَیْهَا الْإِسْلَامُ بَرِیئُهَا سَقِیمٌ وَ ظَاعِنُهَا مُقِیمٌ
منها بَیْنَ قَتِیلٍ مَطْلُولٍ وَ خَائِفٍ مُسْتَجِیرٍ یُخْتَلوُنَ
بِعَقْدِ الْأَیْمَانِ وَ بِغُرُورِ الْإِیمَانِ فَلَا تَکُونُوا أَنْصَابَ
الْفِتَنِ وَ أَعْلَامَ الْبِدَعِ وَ الْزَمُوا مَا عُقِدَ عَلَیْهِ
حَبْلُ الْجَمَاعَةِ وَ بُنِیَتْ عَلَیْهِ أَرْکَانُ الطَّاعَةِ وَ
اقْدَمُوا عَلَى اللَّهِ مَظْلُومِینَ وَ لَا تَقْدَمُوا عَلَیْهِ
ظَالِمِینَ وَ اتَّقُوا مَدَارِجَ الشَّیْطَانِ وَ مَهَابِطَ الْعُدْوَانِ
وَ لَا تُدْخِلُوا بُطُونَکُمْ لُعَقَ الْحَرَامِ فَإِنَّکُمْ بِعَیْنِ
مَنْ حَرَّمَ عَلَیْکُمُ الْمَعْصِیَةَ (وَ سَهَّلَ لَکُمْ سَبِیلَ
الطَّاعَةِ)