و من خطبة له علیه السلام
وَ کَانَ مِنِ اقْتِدَارِ جَبَرُوتِهِ بِبَدِیِع لَطَائِفِ صَنْعَتِهِ أَنْ
جَعَلَ مِنْ مَاءِ الْبَحْرِ الزَّاخِرِ الْمُتَرَاکِمِ الْمُتَقَاصِفِ
یَبَساً جَامِداً ثُمَّ فَطَرَ مِنْهُ أَطْبَاقاً فَفَتَقَهَا سَبْعَ
سَمَاوَاتٍ بَعْدَ ارْتِتَاقِهَا فَاسْتَمْسَکَتْ بِأَمْرِهِ وَ قَامَتْ
عَلَى حَدِّهِ وَ أَرْسَى أَرْضاً یَحْمِلُهَا الْأَخْضَرُ الْمُثْعَنْجِرُ
وَ الْقَمْقَامُ الْمُسَخَّرُ قَدْ ذَلَّ لِأَمْرِهِ وَ أَذْعَنَ
لِهَیْبَتِهِ وَ وَقَفَ الْجَارِی مِنْهُ لِخَشْیَتِهِ وَ جَبَلَ
جَلَامِیدَهَا وَ نُشُوزَ مُتُونِهَا وَ أَطْوَادِهَا فَأَرْسَاهَا فِی
مَرَاسِیهَا وَ أَلْزَمَهَا قَرَارَتَهَا فَمَضَتْ رُءُوسُهَا فِی
الْهَوَاءِ وَ رَسَتْ أُصُولُهَا فِی الْمَاءِ فَأَنْهَدَ جِبَالَهَا عَنْ
سُهُولِهَا وَ أَسَاخَ قَوَاعِدَهَا فِی مُتُونِ أَقْطَارِهَا وَ مَوَاضِعِ
أَنْصَابِهَا فَأَشْهَقَ قِلَالَهَا وَ أَطَالَ أَنْشَازَهَا وَ
جَعَلَهَا لِلْأَرْضِ عِمَاداً وَ أَرَّزَهَا فِیهَا أَوْتَاداً فَسَکَنَتْ
عَلَى حَرَکَتِهَا مِنْ أَنْ تَمِیدَ بِأَهْلِهَا أَوْ تَسِیخَ
بِحَمْلِهَا أَوْ تَزُولَ عَنْ مَوضِعِهَا فَسُبْحَانَ مَنْ أَمْسَکَهَا
بَعْدَ مَوَجَانِ مِیَاهِهَا وَ أَجْمَدَهَا بَعْدَ رُطُوبَةِ أَکْنَافِهَا
فَجَعَلَهَا لِخَلْقِهِ مِهَاداً وَ بَسَطَهَا لَهُمْ فِرَاشاً فَوْقَ
بَحْرٍ لُجِّیٍّ رَاکِدٍ لَا یَجْرِی وَ قَائِمٍ لَا یَسْرِی تُکَرْکِرُهُ
الرِّیَاحُ الْعَوَاصِفُ وَ تَمْخُضُهُ الْغَمَامُ الذَّوَارِفُ إِنَّ فِی
ذلِکَ لَعِبْرَةً لِمَنْ یَخْشى