و من خطبة له علیه السلام
دَارٌ بِالْبَلَاءِ مَحْفُوفَةٌ وَ بِالْغَدْرِ مَعْرُوفَةٌ لَا تَدُومُ
أَحْوَالُهَا وَ لَا یَسْلَمُ نُزَّالُهَا أَحْوَالٌ مُخْتَلِفَةٌ وَ
تَارَاتٌ مُتَصَرِّفَةٌ الْعَیْشُ فِیهَا مَذْمُومٌ وَ الْأَمَانُ مِنْهَا
مَعْدُومٌ وَ إِنَّمَا أَهْلُهَا فِیهَا أَغْرَاضٌ مُسْتَهْدَفَةٌ
تَرْمِیهِمْ بِسِهَامِهَا وَ تُفْنِیهِمْ بِحِمَامِهَا وَ اعْلَمُوا
عِبَادَ اللَّهِ أَنَّکُمْ وَ مَا أَنْتُمْ فِیهِ مِنْ هَذِهِ الدُّنْیَا
عَلَى سَبِیلِ مَنْ قَدْ مَضَى قَبْلَکُمْ مِمَّنْ کَانَ أَطْوَلَ مِنْکُمْ
أَعْمَاراً وَ أَعْمَرَ دِیَاراً وَ أَبْعَدَ آثَاراً أَصْبَحَتْ
أَصْوَاتُهُمْ هَامِدَةً وَ رِیَاحُهُمْ رَاکِدَةً وَ أَجْسَادُهُمْ
بَالِیَةً وَ دِیَارُهُمْ خَالِیَةً وَ آثَارُهُمْ عَافِیَةً
فَاسْتَبْدَلُوا بِالْقُصُورِ الْمَشَیَّدَةِ وَ النَّمَارِقِ
الْمُمَهَّدَةِ الصُّخُورَ وَ الْأَحْجَارَ الْمُسَنَّدَةَ وَ الْقُبُورَ
اللَّاطِئَةَ الْمُلْحَدَةَ الَّتِی قَدْ بُنِیَ بِالْخَرَابِ فِنَاؤُهَا
وَ شِیدَ بِالتُّرَابِ بِنَاؤُهَا فَمَحَلُّهَا مُقْتَرِبٌ وَ سَاکِنُهَا
مُغْتَرِبٌ بَیْنَ أَهْلِ مَحَلَّةٍ مُوحِشِینَ وَ أَهْلِ فَرَاغٍ
مُتَشَاغِلِینَ لَا یَسْتَأْنِسُونَ بِالْأَوْطَانِ وَ لَا یَتَوَاصَلُونَ
تَوَاصُلَ الْجِیرَانِ عَلَى مَا بَیْنَهُمْ مِنْ قُرْبِ الْجِوَارِ وَ
دُنُوِّ الدَّارِ وَ کَیْفَ یَکُونُ بَیْنَهُمْ تَزَاوُرٌ وَ قَدْ
طَحَنَهُمْ بِکَلْکَلِهِ الْبِلَى وَ أَکَلَتْهُمُ الْجَنَادِلُ وَ
الثَّرَى وَ کَأَنْ قَدْ صِرْتُمْ إِلَى مَا صَارُوا إِلَیْهِ وَ
ارْتَهَنَکُمْ ذَلِکَ الْمَضْجَعُ وَ ضَمَّکُمْ ذَلِکَ الْمُسْتَوْدَعُ
فَکَیْفَ بِکُمْ لَوْ تَنَاهَتْ بِکُمُ الْأُمُورُ وَ بُعْثِرَتِ
الْقُبُورُ هُنالِکَ تَبْلُوا کُلُّ نَفْسٍ ما أَسْلَفَتْ وَ رُدُّوا إِلَى
اللَّهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ وَ ضَلَّ عَنْهُمْ ما کانُوا یَفْتَرُونَ