و من خطبة له علیه السلام
أَحْمَدُهُ شُکْراً لِإِنْعَامِهِ وَ أَسْتَعِینُهُ عَلَى وَظَائِفِ
حُقُوقِهِ عَزِیزُ الْجُنْدِ عَظِیمُ الْمَجْدِ وَ أَشْهَدُ أَنَّ
مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ دَعَا إِلَى طَاعَتِهِ وَ قَاهَرَ
أَعْدَاءَهُ جِهَاداً عَنْ دِینِهِ لَا یَثْنِیهِ عَنْ ذَلِکَ اجْتِمَاعٌ
عَلَى تَکْذِیبِهِ وَ الْتِمَاسٌ لِإِطْفَاءِ نُورِهِ فَاعْتَصِمُوا
بِتَقْوَى اللَّهِ فَإِنَّ لَهَا حَبْلًا وَثِیقاً عُرْوَتُهُ وَ مَعْقِلًا
مَنِیعاً ذِرْوَتُهُ وَ بَادِرُوا الْمَوْتَ وَ غَمَرَاتِهِ وَ امْهَدُوا
لَهُ قَبْلَ حُلُولِهِ وَ أَعِدُّوا لَهُ قَبْلَ نُزُولِهِ فَإِنَّ
الْغَایَةَ الْقِیَامَةُ وَ کَفَى بِذَلِکَ وَاعِظاً لِمَنْ عَقَلَ وَ
مُعْتَبَراً لِمَنْ جَهِلَ وَ قَبْلَ بُلُوغِ الْغَایَةِ مَا تَعْلَمُونَ
مِنْ ضِیقِ الْأَرْمَاسِ وَ شِدَّةِ الْإِبْلَاسِ وَ هَوْلِ الْمُطَّلَعِ
وَ رَوْعَاتِ الْفَزَعِ وَ اخْتِلَافِ الْأَضْلَاعِ وَ اسْتِکَاکِ
الْأَسْمَاعِ وَ ظُلْمَةِ اللَّحْدِ وَ خِیفَةِ الْوَعْدِ وَ غَمِّ
الضَّرِیحِ وَ رَدْمِ الصَّفِیحِ فَاللَّهَ اللَّهَ عِبَادَ اللَّهِ
فَإِنَّ الدُّنْیَا مَاضِیَةٌ بِکُمْ عَلَى سَنَنٍ وَ أَنْتُمْ وَ
السَّاعَةُ فِی قَرَنٍ وَ کَأَنَّهَا قَدْ جَاءَتْ بِأَشْرَاطِهَا وَ
أَزِفَتْ بِأَفْرَاطِهَا وَ وَقَفَتْ بِکُمْ عَلَى صِرَاطِهَا وَ
کَأَنَّهَا قَدْ أَشْرَفَتْ بِزَلَازِلِهَا وَ أَنَاخَتْ بِکَلَاکِلِهَا وَ
انْصَرَمَتِ الدُّنْیَا بِأَهْلِهَا وَ أَخْرَجَتْهُمْ مِنْ حِضْنِهَا
فَکَانَتْ کَیَوْمٍ مَضَى وَ شَهْرٍ انْقَضَى وَ صَارَ جَدِیدُهَا رَثّاً
وَ سَمِینُهَا غَثّاً فِی مَوْقِفٍ ضَنْکِ الْمَقَامِ وَ أُمُورٍ
مُشْتَبِهَةٍ عِظَامٍ وَ نَارٍ شَدِیدٍ کَلَبُهَا عَالٍ لَجَبُهَا سَاطِعٍ
لَهَبُهَا مُتَغَیِّظٍ زَفِیرُهَا مُتَأَجِّجٍ سَعِیرُهَا بَعِیدٍ
خُمُودُهَا ذَاکٍ وَقُودُهَا مَخُوفٍ وَعِیدُهَا عَمٍ قَرَارُهَا
مُظْلِمَةٍ أَقْطَارُهَا حَامِیَةٍ قُدُورُهَا فَظِیعَةٍ أُمُورُهَا وَ
سِیقَ الَّذِینَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَراً قَدْ أُمِنَ
الْعَذَابُ وَ انْقَطَعَ الْعِتَابُ وَ زُحْزِحُوا عَنِ النَّارِ وَ
اطْمَأَنَّتْ بِهِمُ الدَّارُ وَ رَضُوا الْمَثْوَى وَ الْقَرَارَ
الَّذِینَ کَانَتْ أَعْمَالُهُمْ فِی الدُّنْیَا زَاکِیَةً وَ أَعْیُنُهُمْ
بَاکِیَةً وَ کَانَ لَیْلُهُمْ فِی دُنْیَاهُمْ نَهَاراً تَخَشُّعاً وَ
اسْتِغْفَارًا وَ کَانَ نَهَارُهُمْ لَیْلًا تَوَحُّشاً وَ انْقِطَاعاً
فَجَعَلَ اللَّهُ لَهُمُ الْجَنَّةَ )مَآباً وَ الْجَزَاءَ( ثَوَاباً وَ
کانُوا أَحَقَّ بِها وَ أَهْلَها فِی مُلْکٍ دَائِمٍ وَ نَعِیمٍ قَائِمٍ
فَارْعَوْا- عِبَادَ اللَّهِ- مَا بِرِعَایَتِهِ یَفُوزُ فَائِزُکُمْ وَ
بِإِضَاعَتِهِ یَخْسَر مُبْطِلُکُمْ وَ بَادِرُوا آجَالَکُمْ
بِأَعْمَالِکُمْ فَإِنَّکُمْ مُرْتَهَنُونَ بِمَا أَسْلَفْتُمْ وَ
مَدِینُونَ بِمَا قَدَّمْتُمْ وَ کَأَنْ قَدْ نَزَلَ بِکُمُ الْمَخُوفُ
فَلَا رَجْعَةً تَنَالُونَ وَ لَا عَثْرَةً تُقَالُونَ اسْتَعْمَلَنَا
اللَّهُ وَ إِیَّاکُمْ بِطَاعَتِهِ وَ طَاعَةِ رَسُولِهِ وَ عَفَا عَنَّا
وَ عَنْکُمْ بِفَضْلِ رَحْمَتِهِ الْزَمُوا الْأَرْضَ وَ اصْبِرُوا عَلَى
الْبَلَاءِ وَ لَا تُحَرِّکُوا بِأَیْدِیکُمْ وَ سُیُوفِکُمْ هَوَى
أَلْسِنَتِکُمْ وَ لَا تَسْتَعْجِلُوا بِمَا لَمْ یُعَجِّلْهُ اللَّهُ
لَکُمْ فَإِنَّهُ مَنْ مَاتَ مِنْکُمْ عَلَى فِرَاشِهِ وَ هُوَ عَلَى
مَعْرِفَةِ حَقِّ رَبِّهِ )عَزَّ وَ جَلَّ( وَ حَقِّ رَسُولِهِ وَ أَهْلِ
بَیْتِهِ مَاتَ شَهِیداً وَ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ وَ اسْتَوْجَبَ
ثَوَابَ مَا نَوَى مِنْ صَالِحِ عَمَلِهِ وَ قَامَتِ النِّیَّةُ مَقَامَ
إِصْلَاتِهِ لِسَیْفِهِ فَإِنَّ لِکُلِّ شَیْءٍ مُدَّةً وَ أَجَلًا