و من کتاب له علیه السلام إلى معاویة جوابا و هو من محاسن الکتب
أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ أَتَانِی کِتَابُکَ تَذْکُرُ فِیهِ اصْطِفَاءَ
اللَّهِ مُحَمَّداً- صلى الله علیه واله- لِدِینِهِ وَ تَأْیِیدَهُ
إِیَّاهُ لِمَنْ أَیَّدَهُ مِنْ أَصْحَابِهِ فَلَقَدْ خَبَأَ لَنَا
الدَّهْرُ مِنْکَ عَجَباً إِذْ طَفِقْتَ تُخْبِرُنَا بِبَلَاءِ اللَّهِ
تَعَالَى عِنْدَنَا وَ نِعْمَتِهِ عَلَیْنَا فِی نَبِیِّنَا فَکُنْتَ فِی
ذَلِکَ کَنَاقِلِ التَّمْرِ إِلَى هَجَرَ وَ دَاعِی مُسَدِّدِهِ إِلَى
النِّضَالِ وَ زَعَمْتَ أَنَّ أَفْضَلَ النَّاسِ فِی الْإِسْلَامِ فُلَانٌ
وَ فُلَانٌ فَذَکَرْتَ أَمْراً إِنْ تَمَّ اعْتَزَلَکَ کُلُّهُ وَ إِنْ
نَقَصَ لَمْ یَلْحَقْکَ ثَلْمُهُ وَ مَا أَنْتَ وَ الْفَاضِلَ وَ
الْمَفْضُولَ وَ السَّائِسَ وَ الْمَسُوسَ وَ مَا لِلطُّلَقَاءِ وَ
أَبْنَاءِ الطُّلَقَاءِ وَ التَّمْیِیزَ بَیْنَ الْمُهَاجِرِینَ
الْأَوَّلِینَ وَ تَرْتِیبَ دَرَجَاتِهِمْ وَ تَعْرِیفَ طَبَقَاتِهِمْ
هَیْهَاتَ لَقَدْ حَنَّ قِدْحٌ لَیْسَ مِنْهَا وَ طَفِقَ یَحْکُمُ فِیهَا
مَنْ عَلَیْهِ الْحُکْمُ لَهَا أَ لَا تَرْبَعُ أَیُّهَا الْإِنْسَانُ
عَلَى ظَلْعِکَ وَ تَعْرِفُ قُصُورَ ذَرْعِکَ وَ تَتَأَخَّرُ حَیْثُ
أَخَّرَکَ الْقَدَرُ فَمَا عَلَیْکَ غَلَبَةُ الْمَغْلُوبِ وَ لَا لَکَ
ظَفَرُ الظَّافِرِ وَ إِنَّکَ لَذَهَّابٌ فِی التِّیهِ رَوَّاغٌ عَنِ
الْقَصْدِ أَ لَا تَرَى- غَیْرَ مُخْبِرٍ لَکَ وَ لَکِنْ بِنِعْمَةِ
اللَّهِ أُحَدِّثُ- أَنَّ قَوْماً اسْتُشْهِدُوا فِی سَبِیلِ اللَّهِ مِنَ
الْمُهَاجِرِینَ وَ الْأَنْصَارِ وَ لِکُلٍّ فَضْلٌ حَتَّى إِذَا
اسْتُشْهِدَ شَهِیدُنَا قِیلَ سَیِّدُ الشُّهَدَاءِ وَ خَصَّهُ رَسُولُ
اللَّهِ- صلى الله علیه واله- بِسَبْعِینَ تَکْبِیرَةً عِنْدَ صَلَاتِهِ
عَلَیْهِ أَ وَ لَا تَرَى أَنَّ قَوْماً قُطِّعَتْ أَیْدِیهِمْ فِی سَبِیلِ
اللَّهِ وَ لِکُلٍّ فَضْلٌ حَتَّى إِذَا فُعِلَ بِوَاحِدِنَا کَمَا فُعِلَ
بِوَاحِدِهِمْ قِیلَ الطَّیَّارُ فِی الْجَنَّةِ وَ ذُو الْجَنَاحَیْنِ وَ
لَوْ لَا مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ مِنْ تَزْکِیَةِ الْمَرْءِ نَفْسَهُ
لَذَکَرَ ذَاکِرٌ فَضَائِلَ جَمَّةً تَعْرِفُهَا قُلُوبُ الْمُؤْمِنِینَ وَ
لَا تَمُجُّهَا آذَانُ السَّامِعِینَ فَدَعْ عَنْکَ مَنْ مَالَتْ بِهِ
الرَّمِیَّةُ فَإِنَّا صَنَائِعُ رَبِّنَا وَ النَّاسُ بَعْدُ صَنَائِعُ
لَنَا لَمْ یَمْنَعْنَا قَدِیمُ عِزِّنَا وَ لَا عَادِیُّ طَوْلِنَا عَلَى
قَوْمِکَ أَنْ خَلَطْنَاکُمْ بِأَنْفُسِنَا فَنَکَحْنَا وَ أَنْکَحْنَا
فِعْلَ الْأَکْفَاءِ وَ لَسْتُمْ هُنَاکَ وَ أَنَّى یَکُونُ ذَلِکَ
کَذَلِکَ
وَ مِنَّا النَّبِیُّ وَ مِنْکُمُ الْمُکَذِّبُ وَ مِنَّا أَسَدُ اللَّهِ
وَ مِنْکُمْ أَسَدُ الْأَحْلَافِ وَ مِنَّا سَیِّدَا شَبَابِ أَهْلِ
الْجَنَّةِ وَ مِنْکُمْ صِبْیَةُ النَّارِ وَ مِنَّا خَیْرُ نِسَاءِ
الْعَالَمِینَ وَ مِنْکُمْ حَمَّالَةُ الْحَطَبِ فِی کَثِیرٍ مِمَّا لَنَا
وَ عَلَیْکُمْ فَإِسْلَامُنَا مَا قَدْ سُمِعَ وَ جَاهِلِیَّتُنَا لَا
تُدْفَعُ وَ کِتَابُ اللَّهِ یَجْمَعُ لَنَا مَا شَذَّ عَنَّا وَ هُوَ
قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ
فِی کِتابِ اللَّهِ وَ قَوْلُهُ تَعَالَى إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ
بِإِبْراهِیمَ لَلَّذِینَ اتَّبَعُوهُ وَ هذَا النَّبِیُّ وَ الَّذِینَ
آمَنُوا وَ اللَّهُ وَلِیُّ الْمُؤْمِنِینَ فَنَحْنُ مَرَّةً أَوْلَى
بِالْقَرَابَةِ وَ تَارَةً أَوْلَى بِالطَّاعَةِ وَ لَمَّا احْتَجَّ
الْمُهَاجِرُونَ عَلَى الْأَنْصَارِ یَوْمَ السَّقِیفَةِ بِرَسُولِ
اللَّهِ- صلى الله علیه واله- فَلَجُوا عَلَیْهِمْ فَإِنْ یَکُنِ
الْفَلَجُ بِهِ فَالْحَقُّ لَنَا دُونَکُمْ وَ إِنْ یَکُنْ بِغَیْرِهِ
فَالْأَنْصَارُ عَلَى دَعْوَاهُمْ وَ زَعَمْتَ أَنِّی لِکُلِّ الْخُلَفَاءِ
حَسَدْتُ وَ عَلَى کُلِّهِمْ بَغَیْتُ فَإِنْ یَکُنْ ذَلِکَ کَذَلِکَ
فَلَیْسَ الْجِنَایَةُ عَلَیْکَ فَیَکُونَ الْعُذْرُ إِلَیْکَ وَ تِلْکَ
شَکَاةٌ ظَاهِرٌ عَنْکَ عَارُهَا وَ قُلْتَ إِنِّی کُنْتُ أُقَادُ کَمَا
یُقَادُ الْجَمَلُ الْمَخْشُوشُ حَتَّى أُبَایِعَ وَ لَعَمْرُ اللَّهِ
لَقَدْ أَرَدْتَ أَنْ تَذُمَّ فَمَدَحْتَ وَ أَنْ تَفْضَحَ فَافْتَضَحْتَ
وَ مَا عَلَى الْمُسْلِمِ مِنْ غَضَاضَةٍ فِی أَنْ یَکُونَ مَظْلُوماً مَا
لَمْ یَکُنْ شَاکّاً فِی دِینِهِ وَ لَا مُرْتَاباً بِیَقِینِهِ وَ هَذِهِ
حُجَّتِی إِلَى غَیْرِکَ قَصْدُهَا وَ لَکِنِّی أَطْلَقْتُ لَکَ مِنْهَا
بِقَدْرِ مَا سَنَحَ مِنْ ذِکْرِهَا ثُمَّ ذَکَرْتَ مَا کَانَ مِنْ أَمْرِی
وَ أَمْرِ عُثْمَانَ فَلَکَ أَنْ تُجَابَ عَنْ هَذِهِ لِرَحِمِکَ مِنْهُ
فَأَیُّنَا کَانَ أَعْدَى لَهُ وَ أَهْدَى إِلَى مَقَاتِلِهِ أَ مَنْ
بَذَلَ لَهُ نُصْرَتَهُ فَاسْتَقْعَدَهُ وَ اسْتَکَفَّهُ أَمْ مَنِ
اسْتَنْصَرَهُ فَتَرَاخَى عَنْهُ وَ بَثَّ الْمَنُونَ إِلَیْهِ حَتَّى
أَتَى قَدَرُهُ عَلَیْهِ کَلَّا وَ اللَّهِ لَ قَدْ عَلِمَ اللَّهُ
الْمُعَوِّقِینَ مِنْکُمْ وَ الْقائِلِینَ لِإِخْوانِهِمْ هَلُمَّ إِلَیْنا
وَ لا یَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلَّا قَلِیلًا وَ مَا کُنْتُ لِأَعْتَذِرَ
مِنْ أَنِّی کُنْتُ أَنْقِمُ عَلَیْهِ أَحْدَاثاً فَإِنْ کَانَ الذَّنْبُ
إِلَیْهِ إِرْشَادِی وَ هِدَایَتِی لَهُ فَرُبَّ مَلُومٍ لَا ذَنْبَ لَهُ
وَ قَدْ یَسْتَفِیدُ الظِّنَّةَ الْمُتَنَصِّحُ (وَ مَا أَرَدْتُ إِلَّا
الْإِصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَ ما تَوْفِیقِی إِلَّا بِاللَّهِ عَلَیْهِ
تَوَکَّلْتُ وَ إِلَیْهِ أُنِیبُ) وَ ذَکَرْتَ أَنَّهُ لَیْسَ لِی وَ
لِأَصْحَابِی عِنْدَکَ إِلَّا السَّیْفُ فَلَقَدْ أَضْحَکْتَ بَعْدَ
اسْتِعْبَارٍ مَتَى أَلْفَیْتَ بَنِی عَبْدِ الْمُطَّلِبِ عَنِ
الْأَعْدَاءِ نَاکِلِینَ وَ بِالسُّیُوفِ مُخَوَّفِینَ لَبِّثْ قَلِیلًا
یَلْحَقِ الْهَیْجَا حَمَلْ فَسَیَطْلُبُکَ مَنْ تَطْلُبُ وَ یَقْرُبُ
مِنْکَ مَا تَسْتَبْعِدُ وَ أَنَا مُرْقِلٌ نَحْوَکَ فِی جَحْفَلٍ مِنَ
الْمُهَاجِرِینَ وَ الْأَنْصَارِ وَ التَّابِعِینَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ
شَدِیدٍ زِحَامُهُمْ سَاطِعٍ قَتَامُهُمْ مُتَسَرْبِلِینَ سِرْبَالَ
الْمَوْتِ أَحَبُّ اللِّقَاءِ إِلَیْهِمْ لِقَاءُ رَبِّهِمْ قَدْ
صَحِبَتْهُمْ ذُرِّیَّةٌ بَدْرِیَّةٌ وَ سُیُوفٌ هَاشِمِیَّةٌ قَدْ
عَرَفْتَ مَوَاقِعَ نِصَالِهَا فِی أَخِیکَ وَ خَالِکَ وَ جَدِّکَ وَ
أَهْلِکَ وَ ما هِیَ مِنَ الظَّالِمِینَ بِبَعِیدٍ